أول قنصل أردني في عهد الإمارة - السيد سامح حجازي
عيّن السيد سامح حجازي أول قنصل أردني لدى الجمهورية العراقية في بغداد، والتي كانت أول دولة عربية من حيث التبادل الدبلوماسي مع الأردن، وذلك من شباط وحتى أيلول عام 1941.
ولد السيد سامح مصطفى حجازي في عام 1898م، والتحق بكـُتـَّـاب الشيخ أبوالضباع ليختم على يديه القرآن الكريم، ثم انتقل مع العديد من أترابه من فتيان اربد الى المدرسة الرُشدية على السفح الشرقي لظهر التل، ثم انتقل برفقة صديقيه مصطفى وهبي التل ومحمد صبحي أبوغنيمة ليكمل تعليمه في مدرسة مكتب عنبر في دمشق، والذي كان يعتبر أرقى المعاهد التعليمية في بلاد الشام في العهد العثماني. وعندما أعلن المؤتمر السوري الذي انعقد في مبنى بلدية دمشق في 17 جمادى الثانية من عام 1338 هـ الموافق 8 / آذار / 1920 م بمشاركة ممثلين عن كافة مناطق سورية الطبيعة بلاد الشام وهي " سوريا ولبنان وشرقي الأردن وفلسطين"، استقلال سورية بحدودها الطبيعية والمناداة بالأمير فيصل بن الحسين ملكاً عليها كان سامح حجازي قد أنهى دراسته في مكتب عنبر، فالتحق من فوره في خدمة الحكومة العربية مديراً للرسائل في متصرفية اربد، ثمَّ نقل مديراً لناحية الغور، فمديراً لناحية الرمثا، فمديراً لناحية أم قيس، ثم تولى منصب قائم مقام الطفيلة، ثم منصب قائم مقام عجلون، ومنصب قائم مقام مادبا، ومنصب قائم مقام جرش. وفي عام 1931م تمت ترقيته ليشغل منصب متصرف الكرك لمدة ثلاث سنوات، ثم منصب متصرف البلقاء "السلط"، ليعود بعدها متصرفاً لمتصرفية عمان، وكانت هذه الفترة غنية بالتنقلات والتجوال في مدن البلاد وربوعها، وتعرف على عدد كبير من أبناء المناطق الإطلاع المباشر على مشاكلهم وهمومهم.
في العام 1935م ترك العمل في مجال الحكم المحلي، حيث تم تعيينه مديراً للمصرف الزراعي، وكانت هذه نقلة جديدة مختلفة في نوع العمل ونوع الخدمة المقدمة للمجتمع، وقد أسهم هذا المصرف في التنمية الزراعية في العقود الأولى من عمر الإمارة، ولقد استمر في عمله هذا حتى العام 1937م، عندما عين حينها رئيساً لبلدية عمان خلال الفترة من 1/5/1937إلى 31/10/1938م، وكانت هذه المرحلة محببة لنفسه فوالده كان رئيساً اربد لفترة طويلة، وهاهو أبنه يصبح رئيس بلدية لعاصمة تنطلق نحو آفاق من التنمية الشاملة والخلاقة، التي جعلت منها أنموذجاً في المنطقة كلها.
لم تتوقف حركة التنقلات وتبديل المواقع الوظيفة عند سامح حجازي، فلقد عين مديراً للخزينة لفترة من الزمن، عاد بعدها للعمل في الحكم المحلي وأصبح متصرفاً للكرك للمرة الثانية، ولعل الخطوة التالية جاءت أكثر اختلافاً، حيث نقل للسلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية، فلقد أصبح قنصلاً لإمارة شرق الأردن في العاصمة العراقية بغداد عام 1941م، وبذلك يكون حجازي أول من شغل هذا المنصب الدبلوماسي في الخارجية الأردنية، وفي العام 1942م عاد إلى عمان حيث تم تعيينه مديراً للمعارف العامة حتى العام 1944م، عندما تم انتدابه لإدارة مديرية البرق و البريد العامة مؤقتاً مع احتفاظه بوظيفته مديرا للمعارف، وعاد في عام 1945 ليشغل منصب رئيس بلدية العاصمة عمَّـان ليكون أول رئيس لها في عهد الاستقلال، وكان مسك الختام في مسيرة سامح حجازي الوظيفية اشغاله لمنصب رئيس بلدية مسقط رأسه اربد ما بين 1951 الى 1954 م، وانتقل سامح حجازي الى رحمة الله في عام 1970 م بعد مسيرة حافلة بالعطاء على الساحتين الرسمية والشعبية.
ويُسجَّـل لسامح حجازي أنه كان واحدا من أول فريق أجرى احصاءا غير رسمي لسكـَّـان اربد بمشاركة أصدقاء طفولته وشبابه مصطفى وهبي التل "عرار"، ومحمد صبحي أبوغنيمة، وعارف التل، ولم يكونوا جميعا قد تجاوزوا السابعة عشرة من العمر مما يشير الى ما كانوا يتمتعون به من ذكاء وموهبة، كما يُسجَّـل لسامح حجازي أن انشغاله بالعمل الرسمي لم يثنه عن مبادىء الحركة الوطنية العربية التي جسَّـدت طموحات العرب في الوحدة والحرية فكان في جميع المواقع الوظيفية التي شغلها يجمع بين واجبات ومسؤوليات عمله الرسمي وبين هموم الوطن وهموم أمته، فلم يتخلف عن المشاركة في المؤتمرات الوطنية ولم تكن لجنة من اللجان الشعبية تخلو من اسم سامح حجازي وخاصة اللجان التي تأخذ على عاتقها دعم القضايا الوطنية وتزويد المجاهدين بالمال والسلاح على الساحة الأردنية والسورية والفلسطينية والعراقية بشكل خاص وجميع قضايا الشعوب العربية الأخرى التي كانت تعاني من الاحتلال بشكل عام.