الأردن من خلال وثائق الأرشيف العثماني
الأردن من خلال وثائق الأرشيف العثماني
إعداد واستعراض الوثائق الأستاذ فاضل البيات
ملخص كتاب الأردن من خلال وثائق الأرشيف العثماني
إعداد واستعراض الوثائق
فاضل بيات
يمثل إصدار هذا الكتاب ثمرة تعاون وجهد مشترك بين مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي ومركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا)؛ وذلك التزامًا من مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي برسالته ورؤيته وأهدافه العامة والتي صاغتها الإرادة الملكية السامية عام 2005 إلى أهمية توثيق تاريخ الأردن بصفة عامّة والهاشميين بصفة خاصّة، وبإشرافٍ ودعمٍ دؤوب من صاحب السمو الملكي الأمير علي بن نايف المعظم.
إنّ أهمية هذا الإصدار تكمن في نوعيّته وفرادته وأصالته؛ إذ يقدّم ملخصًا عربيًّا وترجمة لأصول الوثائق العثمانية المحفوظة في الأرشيف العثماني، التي تشتمل على أوامر وفرمانات وقرارات وعرائض خاصّة بتاريخ الأردن إبّان الحكم العثماني.
ولعلّ تقديم هذه الأصول التاريخية بهذه الصيغة يعد منجمًا موثّقًا للباحثين والمعنيين بتاريخ الأردن في أثناء فترة الحكم العثماني، وهي تكشف عن أوليّات توطيده، وتمكينه، وعلاقة السلطنة مع الزعامات المحليّة، فضلًا عن التدابير والإجراءات والقرارات الإدارية، كما ترصد تحولات المجتمع وظهور التعليم والطبابة والنشاط التبشيري وأمن قافلة الحج الشامي، والموقف العام من إجراءات السلطنة وقراراتها، فضلًا عن بعض الفرمانات والإنعامات التي صدرت عن السلطنة؛ لتكريم الزعامات والأعيان المحليين في الأردن عام 1916م، والتي تزامنت مع دخولها الحرب العالمية الأولى في ذلك العام، وهي وثائق تنشر لأول مرّة.
إن هذه الوثائق الغنيّة بمعطياتها التاريخية، قد تُسهم في إثارة الكثير من التساؤلات حول السياسات والإجراءات العثمانية في منطقة الأردن، التي كانت تتغير تبعيتها الإدارية متأثّرة بعلاقات السلطنة مع القبائل البدويّة في مَهَمَّة حفظ قافلة الحج الشامي.
وفي هذا السياق، تُساعد مثل هذه الوثائق في إعادة تقييم الصورة العامّة عن العثمانيين في السرديّة العربيّة، أو في إيضاح مُسبّبات إجراءاتهم تجاه أهالي المنطقة، كما تمد الباحثين بمعلوماتٍ عن الاستقرار السكاني والنمو الحضري والعلاقات المتداخلة بين المدن والبلدات، وطبيعة المؤسسات الأهلية ودور الإرساليات التبشيرية في تلك المجتمعات.
لقد درجت الرواية الغربية والدراسات المتأثرة بالرواية الكولونياليّة عن تأسيس شرق الأردن، إظهاره بأنه كان منطقة جغرافية خالية من السكان والتنظيمات، وأنّ قرار تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 هو بداية تكوين هوية تلك المساحة الجغرافية من جنوب ولاية الشام، والحقيقة أنّ هذه الوثائق هي خير ردّ على هذه الآراء، وهي بيان جلي عن طبيعة المجتمع والتكوينات الاجتماعية وأنماط الإنتاج فيه وأدوار الزعامات المحليّة وعلاقاتها مع المركز في إستانبول.
ولمعرفة الجهد الذي بذله معد هذا السِفر المهم فيجب على القارئ أن يعرف أن اسم الأردن لم يكن مستخدمًا في العهد العثماني للدلالة على منطقة معينة، وإذا استثنينا بضعة وثائق ورد فيها اسم نهر الأردن، فإنه يتطلب البحث عن منطقة الأردن من خلال أسماء البلدات والقرى والعشائر والشخصيات (بدون ال التعريف) مثل: كرك، معان، شوبك، عجلون، سلط، عمّان، مادبا، كفرنجة، حصن، مجالي، عدوان، بني عبيد، بني عطية، بني صخر، بني حسن، حويطات، جركس [شركس]...الخ
وبعد المباشرة في العمل على إعداد هذا الكتاب تمّ تثبيت واختيار الوثائق المتعلّقة بالأردن من بين الآلاف من الوثائق المحفوظة في التصنيفات المختلفة للأرشيف، واقتناء أكثرها أهميّةً من غيرها للباحثين والمهتمين بتاريخ الأردن في العهد العثماني، حتى تمّ الاعتماد على أكثر من ألف وثيقة تم تبويبها ضمن ثلاثة عشر فصلًا كالتالي:
1- بداية توطيد الحكم العثماني في مناطق عجلون والكرك والشوبك ومعان.
2-عائلة قنصو بك الغزاوي أمراء عجلون والكرك
3-عهد الباشوات
4-الشؤون الإدارية
5-الشؤون البلدية والعمرانية والصحية والخدمات العامة
6-شؤون التعليم والمؤسسات التعليمية
7-المؤسسات التعليمية المسيحية والتبشيرية
8-الشؤون القضائية
9-المؤسسات والأوقاف والشؤون الدينية الإسلامية
10-شؤون الطوائف المسيحية
11-شخصيات أردنية في الإدارة المحلية ومجلس المبعوثان العثماني
12-تكريم وجهاء البلدات وشيوخ العشائر
13-إسكان المهاجرين
كما قام مُعد هذا الكتاب بنشر أربعمئة وثلاثة عشر صورة وثيقة من وثائق الأرشيف العثماني، تم اختيارها من التصنيفات المختلفة للأرشيف، وعمل على استعراض المعلومات الواردة فيها وتبويبها موضوعيًا وترتيب كل ما يتعلق بالموضوع من الناحية الزمنية، والإحاطة جهد الإمكان بحيثيات الموضوع الواحد بشكل متكامل وحسب ما ورد في الوثائق وتفريغ المعلومات الواردة فيها، الأمر الذي تطلّب استخراج الوثائق المتعلقة بالموضوع من تصانيف مختلفة لم يكن بالإمكان نشرها كلّها في هذا الكتاب، ولهذا فإنّ عدد الوثائق المعتمدة يتجاوز عدد المنشورة منها بكثير وربما يبلغ ضعفه.
وفيما يتعلّق بالوثائق المنشورة في الكتاب فإن القسم الأكبر منها عبارة عن وثائق مفردة معظمها كتب رسمية، وقسم منها ورد مسجّلًا في الدفاتر \السجلات، وقد قام المُعد بتحوير بعضها من الناحية الشكلية لتنسجم مع عدد صفحات الكتاب، وذلك بقطع الفراغات الموجودة فيها أو تصغير حجمها، ولكن دون المساس بالكتابات الموجودة فيها، كما اكتفى بنشر الوثيقة المتعلقة بالأردن والواردة بين عدّة وثائق في الصفحة الواحدة من الدفاتر وعلى وجه الخصوص دفاتر المهمة، وتم وضع وثيقتين أحيانًا في الصفحة الواحدة، وذلك في حال تضمنها سطورًا قليلة من الكتابة وتم وضع فراغ بينهما وذلك عندا لا تمُتّان بصلة إلى بعضهما، أما إذا كانت الواحدة منهما تٌتَمّم الأخرى أو متعلقة بالموضوع نفسه فقد تم وضع خط أسود بينهما ودون فراغ.
أما عن معدّ هذا الكتاب ومترجم وثائقه وصاحب الجهد الكبير فيه ، فهو الأستاذ الدكتور فاضل بيات أستاذ التاريخ العثماني المعروف والخبير العلمي في مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا)، فمن غير الممكن للمختصّ والمطّلع على تاريخ الدولة العثمانية أن يمرّ مرور الكرام دون أنّ يطّلع على الدراسات والأبحاث التي قدمها هذا العالم الجليل، حيث عمل على إعداد وترجمة مجموعة من المجلدات ضمن سلسلة البلاد العربية من خلال الوثائق العثمانية والتي يعمل على نشرها مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، كما له العديد من الدراسات والتحقيقات والأبحاث المتعلقة بتاريخ والولايات والبلدان العربية في العهد العثماني منها:
- رحلة سويلة مز أوغلو إلى بلاد الشام_ دراسة وترجمة وتحقيق_
- دراسات في تاريخ العرب في العهد العثماني رؤية جديدة في ضوء الوثائق والمصادر العثمانية
- الدولة العثمانية في المجال العربي \ دراسة تاريخية في الأوضاع الإدارية في ضوء الوثائق والمصادر العثمانية.
- المؤسسات التعليمية في المشرق العربي العثماني \ دراسة تاريخية إحصائية في ضوء الوثائق العثمانية.
كما عمل على إعداد وترجمة مجموعة من المجلدات تحت مسمى بلاد الشام في الأحكام السلطانية الواردة في دفاتر المهمة\ ضمن منشورات لجنة تاريخ بلاد الشام في الجامعة الأردنية. وغيرها من الدراسات والأبحاث والتحقيقات.